responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 193
فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْتَطِعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ نَارٍ»
، عَلَى أَنَّ تَأْوِيلَهُ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّ عَلِيًّا اتَّهَمَهَا بِأَنَّهَا تُرِيدُ بِإِحْدَاثِ الْعَقْدِ بَعْدَ الْحُكْمِ إِظْهَارَ الْوَهَنِ فِي الْحُكْمِ وَالْإِعْلَانِ بِتَكْذِيبِ الْمَحْكُومِ لَهُ وَلَعَلَّهَا إِذَا طُلِبَ مِنْهَا الْعَقْدُ أَنْ تَمْتَنِعَ فَيُصْبِحَ الْحُكْمُ مُعَلَّقًا.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقَضَاءَ فِيمَا يَقَعُ صَحِيحًا وَفَاسِدًا شَرْعًا مِنْ كُلِّ مَا لَيْسَ فِيهِ حَقُّ الْعَبْدِ أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي بِصِحَّتِهِ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ اسْتِكْمَالِ شُرُوطِهِ تَوْسِعَةً عَلَى النَّاسِ، فَلَا يَخْفَى ضَعْفُ هَذَا وَلِذَلِكَ لَمْ يُتَابِعْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ.
وَقَوْلُهُ: وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ حَالٌ مُؤَكَّدَةٌ لِأَنَّ الْمُدْلِيَ بِالْأَمْوَالِ لِلْحُكَّامِ لِيَأْكُلَ أَمْوَالَ النَّاسِ عَالِمٌ لَا مَحَالَةَ بِصُنْعِهِ، فَالْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْحَالِ تَشْنِيعُ الْأَمْرِ وَتَفْظِيعُهُ إِعْلَانًا بِأَنَّ أَكْلَ الْمَالِ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ هُوَ مِنَ الَّذِينَ أَكَلُوا أَمْوَالَ النَّاسِ عَنْ عِلْمٍ وَعَمْدٍ فَجُرْمُهُ أَشَدُّ.
[189]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 189]
يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (189)
يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ.
اعْتِرَاضٌ بَيْنَ شَرَائِعِ الْأَحْكَامِ الرَّاجِعَةِ إِلَى إِصْلَاحِ النِّظَامِ، دَعَا إِلَيْهِ مَا حَدَثَ مِنَ السُّؤَالِ، فَقَدْ رَوَى الْوَاحِدِيُّ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِسَبَبِ أَنَّ أَحَدَ الْيَهُودِ سَأَلَ أَنْصَارِيًّا عَنْ الْأَهِلَّةِ وَأَحْوَالِهَا فِي الدِّقَّةِ إِلَى أَنْ تَصِيرَ بَدْرًا ثُمَّ تَتَنَاقَصُ حَتَّى تَخْتَفِيَ فَسَأَلَ الْأَنْصَارِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَيَظْهَرُ أَنَّ نُزُولَهَا مُتَأَخِّرٌ عَنْ نُزُولِ آيَاتِ فَرْضِ الصِّيَامِ بِبِضْعِ سِنِينَ لِأَنَّ آيَةَ: وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها مُتَّصِلَةٌ بِهَا. وَسَيَأْتِي أَنَّ تِلْكَ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي عَامِ الْحُدَيْبِيَةِ أَوْ عَامِ عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ. فَمُنَاسَبَةُ وَضْعِهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ هِيَ تَوْقِيتُ الصِّيَامِ بِحُلُولِ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَكَانَ مِنَ الْمُنَاسَبَةِ ذِكْرُ الْمَوَاقِيتِ لِإِقَامَةِ نِظَامِ الْجَامِعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ، وَمِنْ كَمَالِ النِّظَامِ ضَبْطُ الْأَوْقَاتِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أَيْضًا نَزَلَتْ بَعْدَ أَنْ شُرِعَ الْحَجُّ أَيْ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ.
وَابْتُدِئَتِ الْآيَة ب يَسْئَلُونَكَ لِأَنَّ هُنَالِكَ سُؤَالًا وَاقِعًا عَنْ أَمْرِ الْأَهِلَّةِ. وَجَمِيعُ الْآيَاتِ الَّتِي افتتحت ب يَسْئَلُونَكَ هِيَ مُتَضَمِّنَةٌ لِأَحْكَامٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا فَيَكُونُ مَوْقِعُهَا فِي الْقُرْآنِ مَعَ آيَاتٍ تُنَاسِبُهَا نَزَلَتْ فِي وَقْتِهَا أَوْ قُرِنَتْ بِهَا. وَرُوِيَ أَنَّ الَّذِي سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 193
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست